محمد بن زايد: يجب تطوير منظومة التعليم بمناهج عصرية…حضر اعتماد تطبيق «التربية الأخلاقية» في مدارس الدولة

27.10.2016

أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة أن دولة الإمارات تعتز بهويتها وأصالتها العريقة المستمدة من تعاليم ديننا الحنيف والموروث الثقافي لآبائنا وعادات وتقاليد أجدادنا بما تجسده من قيم إنسانية وأخلاقية نبيلة وسلوكيات حضارية رفيعة.
جاء ذلك خلال حضور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أمس بأبوظبي جلسة الاعتماد المبدئي لتطبيق منهج «التربية الأخلاقية» في مدارس الدولة وشارك فيها عدد من الوزراء والهيئات الحكومية والتعليمية في الدولة ومجموعة من أولياء الأمور للشروع في تطبيق «منهج التربية الأخلاقية» الذي أطلقه سموه ليكون رافداً وداعماً لأسس ومبادئ التربية والتعليم ومسيرة تطورهما وتحديثهما.
وعرضت «لجنة التربية الأخلاقية» على سموه الاعتماد المبدئي لتفاصيل وخطة تنفيذ «منهج التربية الأخلاقية» الذي سيتم إدراجه وتدريسه رسمياً في شهر سبتمبر/أيلول من العام المقبل 2017 من خلال المناهج التعليمية لمدارس الدولة على أن يبدأ التطبيق التجريبي في يناير/ كانون الثاني المقبل في 20 مدرسة حكومية خاصة في الحلقتين الأولى والثانية على مستوى الدولة.
وقدم القائمون على اعداد المنهج لسموه لمحة تعريفية عن المشروع منذ انطلاق المبادرة بتوجيهاته في يوليو/ تموز الماضي حيث تشكلت فرق العمل وعقدت الاجتماعات لصياغة المسودة الأولى واختيار المدارس التجريبية ووضعت التصورات لبدء البرنامج التدريبي للمعلمين.
وتعرف سموه الى ركائز ووحدات منهج التربية الأخلاقية التي انقسمت إلى 4 ركائز رئيسية هي «الشخصية والأخلاق» و«الفرد والمجتمع» و«التربية المدنية» و«التربية الثقافية».
تضم هذه الركائز أكثر من 65 وحدة يتم تدريس كل منها على مدار 6 أسابيع من خلال حصص مستقلة تدمج ضمن الأنشطة والفعاليات والثقافة المدرسية بشكل عام.
حضر الجلسة حسين إبراهيم الحمادي وزير التربية والتعليم والدكتور علي راشد النعيمي مدير عام مجلس أبوظبي للتعليم ومحمد مبارك المزروعي وكيل ديوان ولي عهد أبوظبي وسيف غباش مدير عام هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة وفاطمة المري مسؤولة التعليم الأساسي بهيئة المعرفة والتنمية البشرية بدبي وأعضاء اللجنة طارق مانع العتيبة من ديوان ولي عهد أبوظبي والشيخة خلود صقر القاسمي من وزارة التربية والتعليم والدكتورة كريمة المزروعي من مجلس أبوظبي للتعليم وفاطمة بالرهيف من هيئة المعرفة والتنمية البشرية وعبدالله ماجد آل علي - هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة.
وجاء «منهج التربية الأخلاقية» ثمرة التنسيق الوثيق بين ديوان ولي عهد أبوظبي ووزارة التربية والتعليم ومجلس أبوظبي للتعليم وهيئة المعرفة والتنمية البشرية وهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة.
كما التقى سموه جمعاً من أولياء أمور الطلبة الذين حرصت اللجنة على إشراكهم لتبادل الأفكار والرؤى حول أفضل السبل التي من شأنها تحقيق أعلى درجات الاستفادة وباعتبارهم شركاء أساسيين في إنجاح تطبيق المنهج ولهم دورهم الحيوي في دعم المبادرة ومساندتها.
وأشار صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال حديثه لفريق العمل إلى أن التحديات الراهنة والمستقبلية والطفرات التقنية المتوالية تفرض علينا المسارعة والمبادرة إلى مضاعفة الجهود لتطوير منظومة التعليم وتعزيز مهارات وقدرات ابنائنا العلمية والمعرفية ببرامج ومناهج عصرية تلبي توجهاتنا المستقبلية مصحوبة بقاعدة صلبة من القيم الأخلاقية والآداب الحميدة منوها إلى أن أمانة تربية وتعليم أبنائنا وما يحملونه من قيم واخلاقيات هي التي تحدد معالم قيم مجتمعنا في المستقبل ومكانة وموقع بلادنا على خريطة التنافسية الدولية.
وقال سموه: «أبناؤنا يعيشون ويواجهون تحديات صعبة وهم أمانة في أعناقنا ومسؤولية إعدادهم وتحصينهم تقع علينا جميعاً ولا يجوز أن ننتظر ونتفرج بل علينا أن نسابق الضوء بدلاً من الريح لإعداد أجيالنا لمزيد من الإنجاز والتقدم لأن التاريخ سيحكم علينا ماذا قدمنا لبلدنا وأبنائنا وأهلنا وأجيالنا» وأضاف «ثروة الوطن هم أهله وشبابه».
وقال سموه: «إنني على ثقة واطمئنان بأن المعلمين يدركون أهمية دورهم ورسالتهم السامية فهم قدوة للطلاب في اتباع السلوكيات الأخلاقية وهم المنارات التي تلهم خيالهم ليس فقط في تعلم وفهم القيم والمهارات الإدراكية والسلوكية والوجدانية فحسب بل في اتباعها وترسيخها في سلوكياتهم ومواقفهم أيضا».
وخاطب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أولياء الأمور قائلاً: «أما أولياء الأمور فنتطلع إلى دعمهم ومساندتهم فمهمتهم محورية فهم المثل الأعلى الذي يقتدي به الأبناء في تبني السلوكيات والمواقف الإيجابية وعليهم أن يكونوا على قدر المسؤولية أمام أبنائهم والمساهمة في غرس القيم والمهارات الأخلاقية والشخصية في تفاصيل الحياة اليومية للأبناء.. لأن البيت والأسرة هما اللبنة الأولى والرئيسية في إعداد وتربية الطفل نفسياً وذهنياً وتربوياً.. مشيراً سموه إلى أن منهج التربية الأخلاقية هو عامل مساعد يعزز دور المدرسة في تربية أبنائنا وتهذيبهم.
وأوضح صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أن نجاح هذه المبادرة هو مسؤولية مشتركة تقع على عاتق الجميع سواء كانت المدرسة أو البيت أو المجتمع أو المؤسسات والهيئات الاجتماعية في الدولة.
وأضاف صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان:«إننا نتطلع لأن تكون التربية الأخلاقية وما تحتويه من مفاهيم ومضامين حثت عليها شريعتنا السمحاء ودعت إليها تقاليدنا وعاداتنا وتراثنا وهويتنا الأصيلة وما يجمعنا بالإنسانية من قواسم مشتركة منهجا مكملا يعزز ويرسخ القيم النبيلة والفضائل العليا في نفوس أطفالنا وطلبتنا بشكل مدروس ومنهجي وبما يمكنهم من الإلمام بمضمونها معرفة وعلما وممارسة في الحياة المجتمعية وفي معاملاتهم اليومية ليصبحوا أجيالاً واعدة تعتز بقيمها وثوابتها وتفتخر بماضيها وحاضرها وقادرة على تحقيق الريادة لوطنها ورفع رايته في كافة المحافل والميادين».
يذكر أن «منهج التربية الأخلاقية» الذي عرضته اللجنة يعتبر منهجا شاملا لبناء الشخصية وإيجاد جيل من الأبناء الذين يجسدون القيم الأخلاقية التي تتلخص في التسامح وإدراك أهمية تراث وثقافة الوطن وتقديرها والتمسك بها والتسلح بالمعرفة والموارد التي تتيح اتخاذ القرارات المستنيرة والمسؤولة بشأن القضايا الملحة ذات الأهمية الأخلاقية وفهم الأنظمة والحقوق والمسؤوليات المدنية وإدراك الدور المطلوب منهم من أجل دعم الجهود التنموية للدولة والمضي قدماً بها استشرافا للمستقبل؛ والتسلح بمهارات الأداء التي تتيح لهم تحقيق الإمكانات التعليمية والمهنية الكاملة.
ويتألف المنهج من أربع ركائز رئيسية هي «الشخصية والأخلاق» و«الفرد والمجتمع» و«التربية المدنية» و«التربية الثقافية».. وتضم هذه الركائز أكثر من 65 وحدة، يتم تدريس كل منها على مدار 6 أسابيع من خلال حصص مستقلة، تدمج ضمن الأنشطة والفعاليات والثقافة المدرسية بشكل عام.
ويتم تصميم مواد «منهج التربية الأخلاقية» لتدرس منذ الصف الأول وحتى الصف الثاني عشر، مع مراعاة المراحل العمرية للطلاب وقدراتهم الاستيعابية.
وتضم وحدات الركائز الأربع الموجهة للطلاب مواد تركز على قيم أصيلة كالعدل والتسامح والصدق والتقدير والصداقة والعلاقة بالعائلة والعالم واستكشاف تراث الإمارات والتواصل مع الآخرين، والتعاطف المعرفي والطابع الأخلاقي والفضائل والمساواة والعدالة والإنصاف وتولي مسؤولية الذات ومسؤولية الآخرين والصحة الذهنية واتخاذ القرارات السليمة ومجتمع الإمارات التعددي ومواد متقدمة مثل الأخلاق والاقتصاد العالمي ومقدمة في الآداب العالمية والوعي المالي والثقافات وعلاقاتها البينية وكيف تصبح مواطنا فاعلا وغيرها من المواد التي تم تصميمها لبناء الشخصية الأخلاقية للفرد والمجتمع.
وسيتم إطلاق البرنامج التجريبي «لمنهج التربية الأخلاقية» في يناير/كانون الثاني 2017 بهدف توظيف مخرجاته لإعادة صياغة وتحسين المنهج تمهيداً لإطلاقه رسميا في سبتمبر/أيلول من عام 2017، وقد روعي في وضع المنهج تشجيع الطلاب على تبني مستويات عالية من التفكير والتمسك بالقيم الإنسانية بدءاً من المراحل العمرية المبكرة، حيث تظل قيم التسامح والمساواة والاحترام وتقدير التنوع وحب الاستطلاع والتفكير المستقل قيما جوهرية وأساسية في مادة التربية الأخلاقية، التي ستعمل على صقل وإبراز أفضل القيم الإنسانية في الطلاب كافة، كما ستشجعهم على نقل الحوار من الصفوف الدراسية إلى المجتمع.
واستند وضع المنهج إلى مشاورات موسعة ومكثفة مع مجموعة من أولياء الأمور والمعلمين والإداريين والخبراء، وقد روعي في وضع مواد محوري «الشخصية والأخلاق» و«الفرد والمجتمع» التوجه العالمي بناء على السياق المحلي لدولة الإمارات لتخاطب المواد شريحة جماهيرية متنوعة، أما مواد محوري «التربية المدنية» و«التربية الثقافية» فتركز على دولة الإمارات بناء على السياق العالمي.
وتنبع مبادرة التربية الأخلاقية من رؤية قيادة دولة الإمارات الرامية إلى الحفاظ على التراث والتقاليد الأصيلة للدولة وإعلاء قيم الانفتاح التي يتمتع بها المجتمع، وإعداد وتأهيل أجيال المستقبل التي يمكن أن تسهم بشكل مثمر في ترسيخ دعائم المجتمع والمساهمة في الجهود التنموية للدولة.. وسيقوم المنهج بالتعريف بالثقافة الإماراتية وعرضها على جميع الشرائح الجماهيرية في صيغة جاذبة وداعمة للحوار وتبادل الآراء.